امريكيا ليست السبب في حالة ليبيا..

المقال مؤلم جدا .. واقع اليم ..

ليست امريكيا من جعل ليبيا تعيش في المأساة الحالية التي تمر بيها ..
عندما دخلت ليبيا لأول مرة في يوم 8 ابريل سنة 2011، عن طريق مصر، حصل صراع في عقلي بين ردتي فعل فعل مختلفتين، الترحيب العظيم من الثوار الحارسين للحدود و صور اعلام الحرية و الاستقلال في كل مكان ذكروني بشي واحد فقط وهو حالة امريكيا في يوم 4 من يونيو (عيد الاستقلال في امريكيا)، ولكن في اتجاه اخر البلد ذكرتني بأفغانستان عندما وصلت لها اول مرة في مايو 2002، خراب و حطام في البنية التحتية، الفصل بين الجنسين، شبه الغياب التام للثقافة(كتب, سينما, موسيقي محلية).
و كان اول ما قاله لي مرافقي محمد هلال السنوسي احد احفاد الملك ادريس، قال عندما وصلني الي بنغازي، “كيف يمكن جمع كل هذا السلاح من الشوارع؟”
اخر يوم لي في ليبيا كان في سيبتمبر 11 سنة 2012. في مطار طرابلس لرحلتي الصباحية المتجهه الي لندن، لم اكن اعلم او بأمكاني العلم بتأكيد علي الهجوم الفظيع التي تعرضت له البعثة الدبلوماسية الامريكية في تلك الليلة. لقد وقفت في طابور طويل لمدة ساعة خلف رجل ليبي بريطاني كثير الحديث مرتديا الروب الاسلامي (تقصد السورية الطويلة)، لقد قال لي انه مدرس ديني وقد قام بزيارة معسكرات تدريب القاعدة قرب درنة في محاولة منه لأدماج المحاربين هناك في الحوار. لقد قلت له “لا حوار مع مع المتطرفين، يجب قتلهم جميعا.”، و لكن كباقي الليبين الذي تعرفت عليهم كان جوابه، “لا، انهم ليبين مثلنا يجب التحاور معهم.”
حملة العقيد خليفة حفتر ضد المتطرفين في بنغازي لم تتقدم نتيجة لهذه العقلية – و ايضا بسبب سمعة حفتر السيئة. حاليا قامت السفارة الامريكية في طرابلس بأجلاء الجميع و اقفال السفارة. و المجموعة التي يعتقد انها كانت المسوؤلة عن الهجوم علي السفارة في سنة 2012 الذي قتل السفير الامريكي و ثلاثة امريكيين اخرين، اعلنت يوم الخميس انه بنغازي امارة اسلامية، وهيا تحت السيطرة التامة.
مبكرا في هذه السنة، وللمرة الاولي، الليبين الذي اتحدث معهم في العادة اصبحوا يتمنون التدخل الدولي للمساعدة في اعادة الاستقرار للبلاد. في العادة الليبين بعد الثورة فخورون جدا بثورتهم ولا يطلبون مساعدة احد، بل الليبين و كعادتهم فخورون جدا لدرجة انهم لا يردون الاستماع للأجانب.(وهيا احدي الخواص التي يشتركون فيها مع الامريكيين.)
صديقي كابتن طيار من زوارة اشار الي انه طائرتين اباتشي هجوميتين بأمكانهم فرض حالة وقف اطلاق النار بين المليشيات. صديقي ارجل اعمال ليبي تنهد و قال لي انه لو الامم المتحدة او الولايات المتحدة قاموا بوضع مستشار اجنبي في كل وزارة لكان الحال افضل. الليبين في التويتر يغردون بالانجليزي طالبين المساعدة الدولية. و ردي دائما يكون، عليكم ان تكون حذرين في ما تطلبون: المساعدة مثل الاتراك الذين حكموا لمئات السنين، الايطالين الذين احتلوا ليبيا في 1911 و وضعوا ثلث سكانها في معسكرات اعتقال، او ربما البريطانين و المتعاقدين الاوربين، المحامين و البنوك التي سمحت للقذافي بسرقة البلاد تحت نظرهم؟
الكلام السابق ابدا ليس للقول انه مشاكل ليبيا الحالية هيا بسبب الاخرين. بالعكس: منذ اسقاط القذافي سنة 2011، هل قام العالم بالابتعاد عن ليبيا نهائيا. لا، سبب الفوضي الحالية كلها يقع علي عاتق الليبين، خصوصا الفئة الحاكمة.
وهذا ما يعتبر نوعا ما صعب التمرير للأمريكين، الذين يميلون لرؤية اي دراما في العالم كانها تدور حولهم فقط. لم نكن نملك نتدخل في ليبيا تحت حكم القذافي في الغالب، لم نقم بغسيل للأموال الليبية، لم نضع جنودنا علي الارض الليبية في اثناء الثورة. في كثير من الاجزاء الاوروبيين هم من قاد الغارات علي قوات القذافي، نحن كنا نوفر الوقود لهم.
الانحدار الليبي نحو الاقتتال و التطرف بعد ثورة 2011 بمساعدة الناتو لن يكون محل جدال حول التدخل الامريكي في الدول المضطربة ولا محل جدال ضد التدخل. ولا توفر دعم للتعميم في قضية التطرف الاسلامي علي الرغم من انها لا صلة لها بكون انا ليبيا دولة اسلامية. بالعكس، لقد لاحظت نتيجة شغلي في كمستشارة في احد الاقسام الحكومية في الحكومة الليبية، ضعف الدولة سببه الاساسي هو العقلية الليبية التي طوروه بعد 42 سنة من الديكتاتورية.
مؤسسات الدولة الليبية حديثة الولادة – البلاد تحصلت علي استقلالها سنة 1951 – و موكبة التطور كانت بطيئة جدا. ليبيا في ذاك الوقت كانت افقر دولة في العالم و الامية شبه مسيطره علي المجتمع. حتي في سنة 2008 كانت نسبة 20% من السكان اميين و هذا بناء علي تقارير نظام القذافي.
بالاضافة لكون الدولة دولة روتنية و تعاني من الرتابة (البيروقراطية). تحت حكم القذافي كان ما يقارب عن 75% من الليبين يشتغلون في وظائف عمومية تبع الدولة – و كان جنون القذافي و هواه يجعل من التخطيط صعب و التعقل مستحيل. كل الناس كانوا يفعلوا مثل ما يأمروا، الاقرارات الفورية كانت تتخذ بمشورة السلطات العليا، و عدم القيام بأي شي كان افضل من اتخاذ قرار قد يتم تغيره غدا. الليبين الذين عاصروا فترة القذافي يعانون من اضرابات ما بعد الصدمة، الوهن الشديد الناتج عن الضغوطات الشديدة ، مشاكل في تخطيط وتنظيم الشخص لحياته، وعدم الثقة بأن الاخرين سيحتفظون بوعودهم.
ايضا، اضافة لوجود شبه دولة: الكسل، الا مسوؤلية، الشعور بالحاجة، و الغرور. مثل ما قال لي محامي اوروبي اشتغل في ليبيا لسنوات كثيرة، “لم اسمع بأي مسؤول ليبي يطرد من وظيفته لعدم الكفاءة. ” لانه المال و الرواتب لم تتوقف مهما حصل من اي مسؤول، القليل من الليبين الذين يشتغلون في الدولة طوروا نوعا ما من انواع الفخر بشغلهم او اي حس للمسؤولية نحوها. عند حدوث اي خطأ انه دائما خطأ شخص اخر. لم استمع لأي ليبي يقول، “انه خطائي وانا اتحمل المسؤولية وسأقوم بأصلاحه.”
في ليبيا القذافي، المعرفة لم تأتي بالقوة، لذلك لم تكن ذا قيمة. في المقابل وجود عدد كبير من الليبين الدكاترة والمهندسين، التقيت القليل من الليبين الذين كانوا يملكون حب المطالعة و الاهتمام بتطوير علمهم ومعرفتهم. لا اعتقد اني رائيت ليبي في ليبيا جالس و يطالع كتاب بأستمتاع. حتي بالمقارنة مع باقي العرب، لم يكونوا معروفين بقوتهم الاقتصادية و الشركات المنتجة، الليبين كانوا معروفين بالكسل و معادة العلم.
وهناك ايضا الفساد، مع عدم القدرة علي العيش حياة كريمة في وقت القذافي، عدد قليل من الليبين فقط حاول بداء المشروع الخاص به الاكثر دقة من مجرد فتح محل مواد غذائية او قهوة.
الاغلبية كانت تتقاضي المرتبات الضعيفة من الدولة زيادة عليها الاموال من مشروع صغير بعد الظهيرة او الاموال القادمة من الاقارب في الخارج، او انهم اخذوا الرشوات. ثقافة الفساد ادت الي سخرية مجنونة حيث علي سبيل المثال عندم انتخب الليبون مؤتمرهم الوطني او مجلس النواب تم اكتشاف مختلسين و فاسدين من بقايا نظام القذافي.
اي شخص قام بعمل مشروع في ليبيا بعد 2011 سيقول لك قصص مرعبه: الاستبدال الدائم للمسؤولين، كل مرة يأتي مسؤول غير مؤهل، كسول غير متعاون اكثر من المسؤول السابق، الفساد و المحسوبية الصارخة مستشرية في اعلي كرسي في هرم الحكومة، التأخير الرهيب حتي في انجاز ابسط مهمة. اغلب كبار المسؤولين لا يعرفون كيفية استخدام الايميل، ويقومون بأغلاق هواتفهم اكثر من فتحها. كثيرون لا يقرؤون الايميلات المرسلة اليهم و ان قرؤوها لا يفهمونها. علي الشخص القيام بـ30 او 40 مكالمة للتواصل مع المسؤولين و ان كنت محظوظا و تواصلت مع مسؤول يملك ايميل عليك ارسال 30 او 40 ايميل باللغة العربية لتحصل علي مستند او اثنين.
و الدبلوماسية الليبية تتحمل جزء من اللوم ايضا، فمثلا وزير الخارجية قضي معظم السنة في مالطا او مصر. اغلب الدوبلوماسيين الليبين لا يتحدثون الانجليزية او الفرنسية او حتي لغة الدولة التي يشتغلون فيها، و يضمون الكثير من السارقين بل رجال العصابات ايضا، بالاضافة لعدم الكفاءة.
هذه الثقافة الضارة ادت الي فوضي سياسية حيث الممثلين السياسين للمدن مع الترسانة الكبيرة للأسلحة و الحملة الاعلامية الاسلامية المقدمة من قطر و باقي دول الخليج التي ساهمت في حصول الكثير من الليبين الكسولين و اصحاب التعليم السيئ للحصول علي وظائف. و مثل ما قال لي رجل اعمال ليبي طلب عدم الكشف عن شخصيته، “التحالف ذو المصالح المشتركة بين الاسلاميين و المسؤولين السارقين لأموال القذافي الذين يرغبون في استمرار الفوضي حتي يتمكنوا من العودة للسلطة”
ولانها بلد مسلم، الشباب المتضرر يمكن غسيل ادمغتهم بالايدولجيات المتطرفه.
الليبين و بنسب كبيرة يملكون كارزمة ساحرة و روح دعابة مع بهجة المتوسط. كما انهم يملكون الحب الحقيقي للحرية مثل الامريكين، حتي الحرية الفوضوية. وهكذا كانت الثورة الليبية تصيبنا بالنشوة لحد الثمالة، ولهذا شاهد العالم الثورة اكثر قربا من الصراع السوري العنيد. كان من المتعة الكبيرة ان تكون جزء من الثورة الليبية. لكن بناء الدولة ليس بتلك المتعة.
الامريكين يأتون من خلفيات عديدة، لكن ما يوحدهم هو حبهم للعمل. الليبين عكس ذلك، بعد الثورة يملك عدد قليل من الليبين عقلية الجلوس علي مكتب لمدة 10 او 12 ساعة للقيام بعمل للحكومة او بناء شركة. كان من الاسهل التسكع مع مليشيات او عصابة من المجرمين او مغادرة العمل باكرا من الساعة 2 مساء لتمضية الوقت مع الاصدقاء في الحديث او مشاهدة التلفاز.
لا اعلم ما سيحصل في ليبيا في المستقبل، لكن ما اعلمه انه ما حصل الي الان ليس مشكله الولايات المتحدة. و اعلم انه لا يمكن للولايات المتحدة القيام بالكثير لتعديل الوضع في ليبيا، عدا قتل المتطرفين بالطائرات بدون طيار او المساعدة في حماية الحدود. (لماذا الحدود منتهكة؟. في الحقيقة الرجل الصادق في الجيش الليبي الذي كان يتحمل مسؤولية شراء الطائرات بدون طيار لتأمين الحدود تم استبداله بشخص سارق في منتصف عملية شراء الطائرات.)
الليبين يمكن ان يكون مثال رائع للعالم، مثال للمسليمن الذين قاموا بسحق نظام مستبد و استبداله بنظام حكم ديمقراطي و انشاء مجتمع حيوي و منفتح. لكن من اجل كل هذا، علي الليبين ان يستبدلوا الثقافة التي يمتلكونها حاليا بثقافة اخري.

ترجمة: معاذ ابوالزمازم

الكاتب الاصلي: انا مارلوي، مستشارة امريكية للحكومة الليبية منذ سنة 2011 الي 2013

المصدر

المستوطنين الايطاليين وذاكرتهم عن ليبيا

يوجد القلب حيث الوطن كان يوم احد مشمس في سنة 1955، وكان جيوفاني شيشيركو ذو التاسعة من العمر يتجه الي شاطئ طرابلس ليستمتع بالبحر الازرق الرائع والرمل الشبيه ببودرة الاطفال الناعمة مع اسرته، كما كان يفعل كل نهاية اسبوع. هناك حيث كان يلهوا مع اصدقائه الليبين، فيتعلم اللهجة الليبية، يرش الماء الصافي ويجري بعنفوان فوق […]

via المستوطنين الايطاليين وذاكرتهم عن ليبيا — Site Title

المستوطنين الايطاليين وذاكرتهم عن ليبيا

يوجد القلب حيث الوطن

كان يوم احد مشمس في سنة 1955، وكان جيوفاني شيشيركو ذو التاسعة من العمر يتجه الي شاطئ طرابلس ليستمتع بالبحر الازرق الرائع والرمل الشبيه ببودرة الاطفال الناعمة مع اسرته، كما كان يفعل كل نهاية اسبوع.

هناك حيث كان يلهوا مع اصدقائه الليبين، فيتعلم اللهجة الليبية، يرش الماء الصافي ويجري بعنفوان فوق الكثبان الرملية. “في البداية كان اهلي يأتون معي،” يقول، ولكن مع مرور الزمن، كان اهله يتركونه يذهب لوحدة، “قد كانت اشبه بالحفلات.” في الغذاء، كانوا يتناولون خليطا من الاكل ينحدر من المطبخين الايطالي والليبي، وفي بعض الاحياء شطائر الهامبرقرز ــــ وقد انتشر في حينها ولع بهذه الاكلة الذي استقدمها الجنود الامريكان بعد الحرب العالمية الثانية للمجتمع. في المساء، كان يذهب الي المسرح لمشاهدة الممثلين و المغنين الايطالين يقدمون العروض في الاماكن الرومانية الاثرية.

اليوم وفي عمر 71، يستذكر شيشيركو بحزن تلك الايام الخوالي و “ليبيا الجزء المفقود من قلبة.” لقد اجبر علي ترك البلاد التي ترعرع فيها في صباه خلفه بعد ان تم طرده هو واسرته من ليبيا سنة 1970، بعد انقلاب القذافي وحصوله علي السلطة. لقد كان في اواخر العشرينات من العمر في ذاك الوقت، ايطالي يافع يعمل تقني في البنك الليبي للدعم الريفي.

في كل مرة ازورها، كانت تبدوا كمدينة اشباح مليئة بذكريات الطفولة الخاصة بي.

جيوفاني شيشركو.

“ليبيا كانت الدورادو (مدينة مهجورة مليئة بالذهب يعتقد انه موجودة في مكان ما في غابات الامازون) الخاص بينا،” قال، ويذكر كيف انها كانت بلد يتوفر علي كل الاشياء للعيش جيدا، “من وفرة في الاكل و الفواكه الطازجة و سكان محلين حيويين حيث الايطاليين، الليبين و اليهود كانوا يتعاشون كتف بكتف وبتوافق وانسجام تام.” اللون الازرق الغامق للبحر الليبي يبقي جزء من روحه. في طرابلس كنت املك ميزة تذوق شطائر الهامبرقر قبل ان تصل ايطاليا بمدة طويلة. ابي كان يشارك في بناء اول مسرح وسينما ذات الطابع الغربي في ليبيا، حيث قام ايقونة الفن الايطالي فيتوريا قاسمان و ملكة الجمال مثل جينا لوليبريجيدا بالصعود علي خشبة ذلك المسرح.

شيشيركو ولد في طرابلس، وكذلك بالنسبة لأسرته. اجداده كانوا من بين مئات الالف من الايطاليين الذين بدؤا الهجرة الي ليبيا بعد 1911، عندما هزمت ايطاليا تركيا و انشئت مستعمرة الطرابلسية الايطالية ـــــ وكان هذا الاسم القديم لليبيا ابان فترة الاحتلال الايطالي. كانوا حرفين، خبازين، نجارين، بناة، تقنين و مزارعين يبحثون عن حياة جديدة في ارض جديدة، حتي ولو كانت تغطيها الصحراء (لاحقا تم اعادة احيائها وزرعها وتربية الحيوانات فيها ).

عندما اجبرهم القذافي علي الرحيل، قام بوضع حد لحياة المغتربين السعيدة تلك التي كانوا يحظون بها، كل املاكهم، تجارتهم، مزارعهم وحسابات البنوك الخاصة بهم صدرت. لقد تم منعهم من العودة الي ليبيا للابد، وفي ايطاليا، حيث لم يكونوا يملكون بيوتا، اجبروا علي العيش في مخيمات لجوء مما جعلهم يشعروا بأنهم كالغرباء علي بلادهم.

مرت عقود، ولكن الجراح لازالت طرية. منذ اجبارهم علي المغادرة، وهم يصارعون من اجل الحصول علي تعويض نقدي من الحكومة الايطالية ــــ التي ارسلتهم و اسرهم الي ليبيا في المقام الاول ــــ لأجل ما خسروه. وقد قام بأنشاء مجموعة ضغط للدفاع عن مصالحهم، تجمع في ثنياتها اكثر من 20,000 حفيد من المستوطنين السابقين.

في سنة 2009، قام رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلسكوني و القذافي بعقد صفقة سمحت للمستوطنين الذين لازالوا يحنون لبيوتهم و وطنهم الاسبق بالعودة وزيارة ليبيا، علي الاقل في العطلات. ولكن “في كل مرة زرت فيها ليبيا، لقد كانت كمدينة الاشباح المليئة بذكريات الطفولة،” يقولوا شيشركو، ذكر ايضا كيف ان بيته القديم قد تغير. “لم املك الجرأة الكافية لدق باب البين ومعرفة من يسكنه حاليا.”

الصراع من اجل تعويض تام لازال عالقا. “لقد طلبنا 350 مليون يورو، وهيا تمثل 10% فقط من اجمالي قيمة ما تم حجزة من املاكنا واموالنا،” ويشرح دانيل لومباردي، مسؤول الاتصال في المنظمة الايطالية للعائدين من ليبيا. ” الي حد الان، ايطاليا منحتنا 200 مليون يورو فقط، ولا نعلم متي سيتم دفع باقي المبلغ.

ويعتبر انعدام الدعم اكبر اسباب الاحباط عند العائدين. الحكومة كانت مهتمة اكثر بعقد عقود استثمارية مهمة ـــ وتحديدا النفطية والبنية التحتية _ مع الجهات الليبية المسؤولة في عوض رد الحقوق الضائعة، وبحسب ارتورو فارفالي، باحث في مؤسسة ميلان للدراسات السياسية الدولية. فارفالي كان من اوائل الباحثين الايطالين الذين سمح لهم بدراسة ارشيف وزارة الخارجية الايطالية: “فقد ظهر جليا انه وطوال عقود من العلاقات الثنائية المتوترة، كانت الحكومة تتبني استراتجية ’التعويض الاقتصادي المتوازي’ مفضلة اتباع مصالحها التجارية عوضا عن  مصالح المهجرين من الايطالين،” يقول فارفالي، الذي قام بنشر كتاب عن هذه الورقات المثيرة للجدل.

النهج اللين الذي اتخذه برلسكوني في التعامل مع القذافي توجت بقصة حب سخيفة بين الاثنين، مع اقامة حفل باذخ جدا في روما في سنة 2010 علي شرف القذافي. وقد ضم الحفل خيول ليبية، راقصات شرقيات و عروض قتالية, وكان القذافي قد منح ميزة البقاء في خيمة بدوية فاخرة جدا في حديقة عامة. برلسكوني شوهد ايضا وهو يقبل يد القذافي بعد عقد صفقات بترولية ــــ هذه الصداقة شهدت نهاية مفاجئة بعد سقوط القذافي وموته في السنة التالية.

“منذ ذلك الحين، مع حالة الصراع السياسي في ليبيا، لم اعد الي هناك،” يقول شيشركو. ولكن في زيارتي سنة 2009 و 2010، كان قد شعر انه يعود الي بيته. بعد ايام قليلة قضاها في ليبيا قام بأسترجاع اللهجة الليبية منذ ايام الطفولة، وزار اصدقائها القدامي وقام بالحديث مع السكان المحليين الذين كانوا سعيدين بسماعهم ايطاليا يتحدث لغتهم. لان هو يحلم فقط بالسلام لليبيا و الشعب الليبي … و ايضا بالسفر لليبيا في اقرب فرصة ممكنة..

ترجمة: معاذ ابوالزمازم

المقال الاصلي كتابة: سيلفيا ماركيتي

المصدر:

http://www.ozy.com/flashback/the-italian-settlers-whose-hearts-belong-to-libya/75929#.WL6mBK2juP0.twitter